دندراوى الهوارى

لا تدفنوا رؤوسكم فى الرمال.. 7 أكتوبر «هدية القرن» لإسرائيل!

الأحد، 16 مارس 2025 12:00 م


فضيلة الاعتراف بالخطأ، أو الهزيمة، رسالة جوهرية عظيمة الأثر، لمن يريد التصحيح والاستفادة، وأن دراسة توابع أى قرار، وتحديد الإيجابيات والسلبيات، فقه الضرورة، لتعميق الإيجابيات، وتصحيح السلبيات، بعيدا عن مشاعر العنت والمكابرة، وكنت قد لفت النظر، فى مقال منشور فى نفس هذه المساحة بتاريخ 2 ديسمبر الماضى، تحت عنوان: صنعوا «الطوفان» وتناسوا توفير «سفن» الإنقاذ.. الأقصى لم يتحرر والمنطقة تغرق!


أكدت فيه أن لكل عمل فى هذه الحياة نتائج، إما إيجابية، أو كارثية، وعند التقييم الموضوعى لا بد من الإشارة للنتائج الإيجابية والبناء عليها، أما السلبية فلا بد من التحلى بالشجاعة الكافية والاعتراف بالخطأ سواء فى التقدير أو التنفيذ أو التوقيت، من الباب الواسع لإعادة ترتيب الأوراق، وتصحيح المسار، وعدم المكابرة فى اتخاذ التدابير اللازمة لشحن بطاريات المراجعات الفكرية، وتحطيم شماعات التبريرات الكارثية، أو محاولة ساذجة بإفراط، أن تُعقد المقارنات بينها وبين الانتصار العظيم الذى حققه جيش مصر فى 6 أكتوبر 1973 والذى قهر فيها المستحيلات، وأعاد الكبرياء للأمة، وحقق كل أهدافه بتحرير الأرض كاملة غير منقوصة، فارضا إرادته وشروطه على المفاوضات منها إقامة الدولة الفلسطينية، لتشمل كل الأراضى وحتى حدود 1967


هذه المقارنة الغريبة، بين معركة حقيقية بجيوش نظامية وخطط عسكرية، وانتصار مبهر، وقهر المستحيل حرفيا بتحطيم أعظم حاجز ترابى فى التاريخ، وكسر أنف جيش ترنم بأنه الجيش الذى لا يقهر، وما أفرزت عنه من نتائج جوهرية، باستعادة الأرض كاملة وفرض الإرادة والشروط، مثل انتصار 6 أكتوبر 1973، وبين عملية 7 أكتوبر 2023 التى لا يمكن توصيفها إلا بأنها حملت شعار «اضرب واجرى» بجانب ما خلفته من دمار شامل لغزة، وقتل ما يقرب من 50 ألف برىء، وتقديم هدية أو جائزة كبرى لإسرائيل، انتهزتها ووظفتها لمصلحتها كما يقول الكتاب، وساهمت فى زعزعة دول، وهزت الأمن القومى العربى ووضعته على المحك، وهى المقارنة التى تُعد ضربا من الجنون، وهذيانا لا مثيل له، ما يدفع إلى السؤال: ما هو الهدف من هذه المقارنة؟


يا سادة - وكما أوضحنا - أن تصحيح المسار يبدأ من عند نقطة الاعتراف بالحقائق دون رتوش، وتقييم حقيقى وفق النتائج على الأرض بعيدا عن المشاعر والعنت والمكابرة، وعدم اللجوء لمبررات واهية، لتجميل الصورة، لأن منسوب الوعى لدى الشعوب ارتفع بشكل فاق كل أدعياء النخبوية ومن نصبوا أنفسهم مناضلون وخبراء، وأن ثورة التكنولوجيا المدهشة فى نقل أدق التفاصيل صوتا وصورة، وتوفير زخم مفرط من التواصل والمعرفة وملاحقة الأخبار الصحيحة، من مصادر متعددة وموثوقة، فرضت صعوبات كبيرة على زمرة المبرراتية، وأفقدتهم أدواتهم التجميلية.


هناك تجربتان محوريتان، يجب الاستفادة منهما، الأولى عند دمار نجازاكى وهيروشيما اليابانيتين بقنابل ذرية، وقرار اليابان الاعتراف بالهزيمة سنة 1945، ولم تبرر أو تضع أدوات تجميل لإظهار الخراب والدمار على أنه انتصار مدوى، وقررت إعادة ترتيب أوضاعها تمهيدا لعملية البناء والانطلاقة التنموية الكبرى للبلاد، وبالفعل، صارت اليابان واحدة من أكبر اقتصادات العالم، وتفوقت على نفسها فى مجالات التكنولوجيا والخدمات.


الأمر ذاته حدث مع ألمانيا، والتى خرجت من الحرب العالمية الثانية، مدمرة فى كل شىء، هزيمة عسكرية منكرة، وتدمير شامل للبنية التحتية، وتقسيم، ومع ذلك حققت انطلاقة اقتصادية وتنموية كبرى، وصارت غول صناعى لا يمكن أن تخطئه العين، وقلب الاتحاد الأوروبى النابض القوى.


اليابان وألمانيا، دولتان تعرضتا للهزيمة فى الحرب العالمية الثانية، فاعترفتا بالنكسة ولم تكابرا أو تستعينا بأدوات تجميل لتزيين صور الدمار الشامل، واعتباره نصرا، بما لا يصدقه عقل طفل صغير، فوقفتا مع النفس وجعلتا من المراجعات الفكرية فضيلة كبرى، فكانت انطلاقة التقدم والازدهار عظيمة.


لكن من الواضح أن إرادة المحاسبة والمراجعة الفكرية، لمن خطط ونفذ طوفان 7 أكتوبر 2023 غائبة، إن لم تكن مندثرة، وأن توابع هذا الطوفان لن تنتهى فى الوقت القريب، وسيظل يملأ الدنيا ضجيجا وصراخا لتقنين أوضاع، ويضمن أن يشغل بعضا من الناس إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا.


وتبقى مصر الشريفة العفيفة، تتحمل وتمارس صبرا استراتيجيا مذهلا، لتصحيح أخطاء الغير، وتقف بقوة وحسم لمنع تصفية القضية الفلسطينية، وتبذل جهودا مضنية من أجل إعادة تعمير غزة وعدم طردهم من أراضيهم.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب